للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَكَمْتُمْ} الحكم هنا الفصل، يعني: إذا أردتم أن تفصلوا بين الناس في مشاجراتهم فاحكموا بالعدل و {بَيْنَ النَّاسِ} لم يقيد أناسًا دون أناس فيكون عامًا، حتى لو أراد الإنسان أن يحكم بين أبيه وبين رجل أجنبي فهو داخل في الآية، أو مسلم وكافر فهو داخل في الآية؛ لأن الآية عامة بين الناس.

وقوله: {أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} العدل في الأصل الإستقامة، ومنه العصا المستقيمة التي ليس فيها ميل، ولا حكم أعدل من حكم الله، وعلى هذا فالحكم بالعدل أن تحكم بينهم بشريعة الله، هذا هو الحكم بالعدل؛ لأننا نعلم أنه لا أحد أحسن من الله حكمًا، ولا أحد أعدل من الله فصلًا، فإذًا {أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} أي: بشريعة الله.

فإن قال قائل: ما وجه الإرتباط بين قوله: {أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} وبين قوله: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ}؟

فالجواب: أن نقول: لأن الأمانات كالمقدمة بين يدي الأحكام، فمنها مثلًا الشهادة، وهي تحمل الإنسان أن يخبر بحق غيره على غيره، فهذه تكون مؤداة عند الحكام، فكان تأدية الأمانات كالمقدمة بين يدي الحكم بين الناس.

ثم أثنى الله على هذا الأمر، فقال: {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} وفي قوله: {نِعِمَّا} قراءات: نَعِمَّا، ونِعِمَّا، وأصلها نعم ما لكن حصل فيها إدغام، قوله: {يَعِظُكُمْ بِهِ} الموعظة قال العلماء: هي ذكر الأحكام مقرونة بترغيب أو ترهيب، بمعنى أن تذكر حكم الله عزّ وجل، مقرونًا بترغيب أو ترهيب، إن كان طلبًا فهو مقرون بالترغيب، وإن كان نهيًا فهو مقرون بالترهيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>