ثانيًا: إذا قلنا: هذا خاص بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، فهل هو خاص به، وغيره من الأمة يكون تبعًا له عن طريق الأسوة أو أنه وجه للرسول خطابًا لا حكمًا، بمعنى: أنه لما كان هو القائد الإمام لهذه الأمة وجه إليه الخطاب، والخطاب الموجه للقائد يكون خطابًا له ولمن وراءه؟
الجواب: فيه احتمالان، وإذا لم يوجد مانع فالأصل حمله على العموم، وهنا وجد مانع وهو قوله:{إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}، ومعلوم أنه لم ينزل إلى كل واحد منا وحي، فيكون هذا الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، والأمة تبع له، إما عن طريق التأسي أو لأنه القائد، والخطاب للقائد خطاب لمن تبعه، فالكلام باقٍ على القاعدة.
وقوله:{إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا}{يَزْعُمُونَ} أي: يقولون، وهذه المقولة ينظر هل تكون صحيحة أو لا؟
ولم يذكر المنزل في قوله:{بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}؛ لأنه معلوم، والمعلوم كالمذكور، ولهذا قال الله تعالى:{وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}[النساء: ٢٨] لو قال قائل: من الذي خلق الإنسان؟ لقلنا: الله، فإذا قال: ليس في الآية "وخلق الله الإنسان" فنقول: لأنه معلوم أنه لا خالق إلا الله، فقوله:{وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}[النساء: ٢٨]، وهذا معلوم كونًا، وإنزال الوحي معلوم شرعًا؛ لأن الذي ينزل الوحي هو الله عزّ وجل.