للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكنهم {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ}، هذا هو محل التعجب، يزعمون ذلك وهم يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت، والطاغوت: كل ما خالف الشرع؛ لأن ما خالف الشرع فهو طغيان، فيريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت.

{وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} أي: يكفروا بالطاغوت، والآمر هو الله عزّ وجل، لكنه أتى بصيغة اسم المفعول؛ ليكون هذا الأمر - وإن كان أصله من الله - فهو أيضًا صادر من الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن كل مؤمن، فكل مؤمن يؤمر أن يكون التحاكم إلى الله ورسوله، وأن يكفر الإنسان بالطاغوت.

وقوله: {وَقَدْ أُمِرُوا} أي: من قبل الله ومن قبل أولياء الله، أن يكفروا به؛ أي: بالطاغوت، وإنما قلنا: إنه من قبل الله ومن قبل أوليائه؛ لأنه نظير قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة] ولم يقل: غير الذين غضبت عليهم؛ لأن طريقة هؤلاء تغضب الله، وتغضب أولياء الله.

وقوله: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} إذًا: فهم تابعون للشيطان الذي يملي عليهم التحاكم إلى الطاغوت، فالشيطان يريد أن يضلهم ضلالًا بعيدًا؛ أي: بعيدًا عن الحق؛ لأن التحاكم إلى الطاغوت يوجب للإنسان أن يبتعد عن الحق، وأن يعلق قلبه بهذا الطاغوت.

مثال ذلك: إذا دعي أحد من الناس إلى القرآن الكريم فيأبى ويقول: لا. بل نتحاكم إلى التوراة أو إلى الإنجيل، أو إلى القانون الفلاني، أو يقول: نتحاكم إلى المحاكم التجارية والقوانين التجارية، وهو يُدعى إلى التحاكم إلى الله ورسوله،

<<  <  ج: ص:  >  >>