للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اسم فاعل من نافق، وهو مأخوذ من نافقاء اليربوع؛ أي: جحره، وجحر اليربوع مبني على الخداع؛ لأن الجربوع أو اليربوع يكيد، فيجعل له بابًا في جحره يدخل منه، ويجعل له بابًا من قشرة الأرض في أقصى الجحر، فإذا زاحمه أحد من الباب المعهود المفتوح؛ خرج من الباب الخفي، فخادع، فلهذا أخذ منه كلمة: "منافق".

وقد قيل: إن هذه الكلمة كلمة محدثة شرعية أي: لا يعرف معناها في اللغة بهذا المعنى؛ لأن الجاهلية كلها كفر، ليس فيها إيمان، والمؤمن يكون مؤمنًا فيما بقي من دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أو يكون متنصرًا كورقة بن نوفل، أو ما أشبه ذلك، لكن بعد أن ظهر خبث هؤلاء أنهم يظهرون للناس أنهم مؤمنون وهم كافرون جاءت هذه الكلمة.

وقوله: {رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ} هنا نكتة بلاغية، وهي: الإظهار في موضع الإضمار؛ لأن مقتضى السياق أن يقول: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ} رأيتهم، هذا مقتضى السياق، لكن قال: {رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} وإذا جاء الإظهار في موضع الإضمار فإن له ثلاث فوائد:

الفائدة الأولى: عِلِّيَّة الحكم؛ لأن هذا المظهر يفيد العلة في هذا الشيء، فالعلة في صدهم: هو النفاق.

الفائدة الثانية: التسجيل على مرجع الضمير بهذا الوصف؛ أي: أن مرجع الضمير متصف بهذا الوصف - وهو: النفاق - لكن لو قال: {رَأَيْتَ} لم نعرف أنهم كانوا منافقين.

الفائدة الثالثة: العموم؛ أي: أنه يعم هؤلاء وغيرهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>