للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنافقين، ولو قال: رأيتهم فقط لم يشمل غيرهم.

قوله: {يَصُدُّونَ} هذا الفعل يصح أن يكون متعديًا، ويصح أن يكون لازمًا، يقال: صد بنفسه ويقال: صد غيره، فهنا: {يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} من الأول الذي هو اللازم؛ أي: يعرضون عنك.

وقوله: {صُدُودًا} هذا مصدر مؤكد، ويجوز أن يكون مصدرًا نوعيًا، والمصدر المؤكد هو: الذي يؤكد عامله لينتفي المجاز، وذلك لأن الفعل قد يراد به المجاز أي: أنه أسند إلى الفاعل مجازًا، فإذا أكد زال احتمال المجاز، ويحتمل أن يكون مصدرًا نوعيًا أي: أنه صدود عظيم، فهو موصوف بوصف محذوف، والتقدير: صدوا عنك صدودًا عظيمًا، والثاني أبلغ؛ لأنه ينتظم الأول ولا عكس.

فهؤلاء - والعياذ بالله! - إذا قيل لهم: تعالوا إلى ما أنزل الله من القرآن نتحاكم إليه، وإلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - لنتحاكم إليه، {رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} يعني: رأيتهم في نفاقهم وانغماسهم في النفاق يصدون عنك صدودًا.

وهنا قال: {يَصُدُّونَ عَنْكَ} ولم يقل: يصدون عن الذي قال لهم؛ لأنهم لا يهمهم من قال لهم، الذي يهمهم ومرادهم هو الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد يصدون عن الرسول ولا يأتون، ولكن لا يصدون عن الذي دعاهم، بل ربما يقابلونه بوجه طلق حسن، لكن يصدون عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلهذا لم يقل: يصدون عنه.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>