للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انتشر الناس وكثروا أرسل الله الرسل، ولهذا قال الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [البقرة: ٢١٣] وهذا يدل على أن الناس قبل هذا لم يبعث فيهم أنبياء مبشرين ومنذرين، وانما هم أنبياء يتعبدون لله وتتبعهم الأمة.

والنبي: مأخوذ من النبأ وهو الخبر، وقيل: من النبوة وهي الرفعة، أما على الأول فظاهر؛ لأن النبي مخبِر ومخبَر، وعلى هذا يكون لفظ النبيئين بالهمز، فعيل بمعنى مفعول وفاعل فهو مُنَبأ وكذلك منبئ.

وأما على الياء فتحتمل أن تكون من النبأ، ولكنها حذفت الهمزة تخفيفًا، أو من النبوة وهي الرفعة، لعلو منزلة الأنبياء، ولا شك أن الأنبياء هم أعلى طبقات عباد الله الصالحين، ويدخل في النبيين هنا الرسل؛ لأن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولًا، فقوله: {مِنَ النَّبِيِّينَ} يشمل الرسل وهم أفضل من الأنبياء، وهذا هو المتفق عليه بين علماء المسلمين، وأما غلاة الصوفية فقالوا: إن الولي أفضل من النبي، والنبي أفضل من الرسول، قالوا: لأن الولي له الولاية والقرب، والنبي له الإخبار مع البعد، والرسول خادم، وأنشدوا على ذلك العبارة السيئة:

مقام النبوة في برزخ ... فويق الرسول ودون الولي

إذًا: الولي عندهم يُعد فوقهم وبعيدًا عنهم، ثم يليه مع البعد النبي، ثم الرسول، وليس بين النبي والرسول على زعمهم فرق إلا قليلًا، ولا شك أن هذا ضلال بَيِّن، والعياذ بالله.

لأننا نقول: كل رسول نبي، وكل نبي ولي، فأشرف أولياء الله هم النبيون، وأشرف النبيين الرسل بلا شك، فكلامهم باطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>