للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} أي: نعمة الدين والدنيا، وهي النعمة الخاصة.

وليعلم أن نعمة الله تعالى تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: النعمة العامة: وتكون للمؤمن والكافر، والبر والفاجر، والمستقيم والفاسق، فهذه هي العامة، ومنها إدرار الرزق على الناس من مطر ونبات، ورخاء وأمن.

القسم الثاني: النعمة الخاصة، وهي النعمة التي تكون في الدين والدنيا، وهذه خاصة بالمؤمنين، وهم أصناف أربعة كما قال الله تعالى هنا: {أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ}.

وقوله: {مِنَ النَّبِيِّينَ} {النَّبِيِّينَ} هنا تشمل الرسل؛ لأن كل رسول فهو نبي، فإذا قيل: {مِنَ النَّبِيِّين} دخل فيهم بالأولى الرسل، ولا شك في هذا، و {النَّبِيِّينَ} قيل: إنهم من أوحي إليهم بشرع ولم يؤمروا بتبليغه، والرسول من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، وهذا هو المشهور عند أهل العلم، وقيل: النبي من أوحي إليه أن يتعبد بشريعة من قبله أو يأتي بما يكملها، فلا بد من سبق رسول عليه.

ولكن الصحيح ما ذهب إليه الجمهور، وهو: أن النبي يوحى إليه بالشرع ولكنه لا يكلف ولا يلزم بتبليغه، ومن هؤلاء النبيين الذين لم يرسلوا آدم عليه السلام، فإن آدم نبي مكلف، ولكنه ليس برسول؛ لأنه أول البشر، فليس هناك أمة حتى يكون رسولًا لها، ولأن الناس الذين خرجوا منه ومن حواء كانوا قليلين لم تفتنهم الدنيا، وكانوا ينظرون إلى أبيهم فيتعبدون بعبادته، فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>