يقول الله عزّ وجل:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ} الطاعة هي: موافقة الأمر تركًا للمنهي وفعلًا للمأمور، ولهذا نقول: إن من ترك المعصية يعتبر مطيعًا، ومن فعل الواجب فهو مطيع، ولهذا قيل في الطاعة: هي موافقة الأمر أو موافقة المطاع.
وقوله:{وَالرَّسُولَ} ولم يقل: "ثم الرسول"؛ لأن أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من شرع الله، والنبي - صلى الله عليه وسلم - في الشرع لا بأس أن يُقرن مع الله بالواو؛ لأن ما جاء به هو من شرع الله، بخلاف الأمور الكونية فإنه لا يجوز أن يقرن مع الله إلا مقرونًا بثم.
ومن فروع هذه القاعدة: قول القائل في الأمور الشرعية: الله ورسوله أعلم، ومن ذلك قوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}[التوبة: ٥٩] ولم يقل: ثم رسوله لأن هذا إيتاء شرعي، فهو من الشرع.
أما الأمور القدرية فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يملك فيها شيئًا، فلهذا لما قال له الرجل:"ما شاء الله وشئت" قال: "أجعلتني لله ندًا؟ "(١).
وقوله:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ}"أل" في الرسول للعهد، والمراد به محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وفيها احتمال آخر أن المراد الجنس:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ} أي: الذي أرسله سواء كان محمدًا أم غيره، وهذا العموم أقرب.
وقوله:{فَأُولَئِكَ} أتى باسم الإشارة إشارة إلى علو مرتبتهم، ولم يقل فهؤلاء للتنبيه على علو المرتبة.