للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للمؤمنين، وإذا صدر الله سبحانه الخطاب بياء النداء دل هذا على الإهتمام به، وأنه جدير بأن ينبه المخاطب له؛ فينادى حتى ينتبه.

والنداء يفيد التنبيه، والتنبيه يدل على الإهتمام بالأمر والشأن.

وكونه يكون موجهًا للمؤمنين فيه إثارة داعي الإستجابة للمخاطبين، فإذا خاطبهم بوصف الإيمان كان فيه التهييج على القبول.

وفيه أيضًا: فضيلة الإيمان حيث خص المؤمنين بالنداء، ويدل على أن القيام به من مقتضيات الإيمان، وفيه كذلك الترهيب من المخالفة؛ لأنه إذا كان هذا الأمر من مقتضيات الإيمان فإن تركه من نواقص الإيمان. وقد تكون من نواقض الإيمان حسب ما أمر به.

قال ابن مسعود - رضي الله عنه - فيما نقل عنه واشتهر: "إذا سمعت الله يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فأرعها سمعك - يعني: استمع لها جيدًا - فإما خير تؤمر به، وإما شر تنهى عنه" (١)، وصدق - رضي الله عنه - فهو إما خير نؤمر به، وإما شر ننهى عنه، وإما خبر نحذر منه، مثل قوله {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٣٤] فهذه ليس فيها أمر ولا نهي، ولكن فيها التحذير من طريقة هؤلاء الأحبار والرهبان الذين يصدون عن سبيل الله، ويأكلون أموال الناس بالباطل.

وقوله: {خُذُوا حِذْرَكُمْ} الحذر يعني: التخوف، وهو في الأصل من أعدائنا الكفار، ولا عدو للمؤمن إلا الكافر قال الله:


(١) سبق ص ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>