للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (٩٨)} [البقرة: ٩٨] وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: ١]، فلا عدو حقيقة للمؤمن إلا الكافر، والكافر طبقات: الكافر المصرح بالكفر أهون من الكافر المخفي للكفر، وهو المنافق، ولهذا قال الله تعالى في سورة المنافقين التي أنزلها كاملة فيهم قال: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون: ٤]، فقوله: {هُمُ الْعَدُوُّ} جملة تفيد الحصر؛ لتعريف طرفيها، كأنه لا عدو للمسلمين إلا المنافق؛ لأن عداوته - والعياذ بالله - لا يمكن أن يُطلع عليها، ولا يمكن التحرز منها.

فالعدو الأول: الشيطان، والثاني: المنافقون، والثالث: النفس، ولا أشد من عداوتها إلا من رحم ربي: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف: ٥٣].

إذًا: قوله: {خُذُوا حِذْرَكُمْ} من أعدائكم من المنافقين، ومن الكافرين المصرحين بالكفر، ومن الفاسقين الذين يغرونكم في الوقوع في المعاصي التي دون الكفر، ومن كل أحد يصدكم عن دين الله.

فعلينا أن نأخذ الحذر من غزو هؤلاء لنا، سواء كان بالسلاح، أو كان بالفكر، أو كان بالخلق، ومعلوم أن أعداء المسلمين يغزون المسلمين بكل سلاح، وينظرون السلاح المناسب للأمة فيغزونها به، فإذا كان من المناسب للأمة أن يغزوها بالسلاح فعلوا وقاتلوا وهاجموا، وإذا كان من غير الممكن فإنهم يغزون بالأفكار فيأتون بأفكار منحرفة إلحادية إذا أمكنهم ذلك، وإذا لم يمكن بأن كانت الأمة على جانب كبير من الوعي والتوحيد والإرتباط بالله عزّ وجل قالوا: إذًا نغزوا بطريق ثالث وهو الخُلُق، فسلطوا عليها كل ما يفسد أخلاقها: من المجلات، والإذاعات وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>