لما كتب عليهم القتال في المدينة تخلف فريق منهم، وزالت عزيمته التي كانت في مكة.
وفي قوله:{عَلَيْهِمُ} ثلاث قراءات ضم الهاء والميم، وكسر الهاء وضم الميم، وكسرهما جميعًا، الأول:"عَلَيْهُمُ"، والثاني:{عَلَيْهِمُ}، والثالث:"عَلَيْهِمِ"، والمعروف في المصحف الآن هو كسر الهاء وضم الميم.
فقوله:{إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ} أي: طائفة منهم، {يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً}"يخشونهم" أي: يخافونهم، ويتقونهم، {كَخَشْيَةِ اللَّهِ} أي: كخشيتهم لله، ولهذا نقول: إن هذا المصدر مضاف إلى مفعوله، والتقدير: كخشيتهم الله.
قوله:{أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً}: {أَوْ}: حرف عطف، ولكن هل هي للشك أو للتنويع، أو للإضراب؟
الجواب: نقول: أما للشك فلا؛ لأنه لا يمكن أن الله عزّ وجل يشك، بل الله عالم، والإنسان هو الذي يشك، فيقول: هذا مثل هذا أو أحسن!
والتنويع يعني أن بعضهم يخشون الناس كخشية الله، وبعضهم يخشون الناس أشد خشية، وهذا محتمل، ويحتمل الإضراب وأن المعنى: بل أشد خشية، أو لتحقيق ما سبق، ولهذا لما قال الله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧)} [الصافات: ١٤٧]، قال العلماء: كيف {أَوْ يَزِيدُونَ}؟ فالله عزّ وجل يعلم أنهم بعدد معين، فكيف قال:{أَوْ يَزِيدُونَ}؟