للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالجواب: نقول: {أَوْ} هنا ليست للشك قطعًا، لكن بعضهم قال: إنها للإضراب، والمعنى: بل يزيدون، وبعضهم قال: إنها لتحقيق ما سبق، كما تقول: هذا مثل هذا إن لم يكن مثله فهو أعلى منه مثلًا، فتكون {أَوْ} لتحقيق ما سبق، وأما للتنويع في الآية: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧)} [الصافات: ١٤٧] فلا تأتي؛ لأنهم طائفة واحدة لا يمكن فيها التنويع.

وعلى كل حال: {أَوْ} في مثل هذا السياق لا يمكن أن نجعلها للشك؛ لأن الشك لا يمكن أن يقع في خبر الله عزّ وجل.

وإذا قلنا: إن {أَوْ} للإضراب فالإضراب نوعان: إضراب إبطال، وإضراب انتقال، وهذا انتقال، فليس المعنى أنه يبطل المعنى الأول لأجل الثاني، بل المعنى لأجل تحقق هذا الأمر فإنهم لا يمكن أن ينقصوا عن مائة ألف.

قوله: {أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} يعني: أعلى وأعظم خشية.

واعلم أن الخشية والخوف كلمتان تترادفان، بمعنى: أن إحداهما تأتي في مكان الآخرى كثيرًا، لكن قالوا: إن هناك فرقًا دقيقًا بينهما، فمن الفروق: أن الخشية مبنية على علم، بخلاف الخوف فقد يأتي عن وهم لا حقيقة له، فقد يرى الإنسان شبحًا من بعيد فيظنه عدوًا فيخاف، فنقول: هذا خوف؛ لأنه مبني على وهم، بل قد يكون من شجرة، لكن إذا رأى أنه عدو وأنه متسلح حينئذٍ يخشاه، واستدلوا لقولهم هذا بقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨].

وأورد على هؤلاء قول الله تبارك وتعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٥٠)} [النحل: ٥٠]، وهنا خوف،

<<  <  ج: ص:  >  >>