وحصر العدو وحصر الإنسان سواء، يعني: لو حُصر جماعة في البرية أو في البلد فالعبارة واحدة.
الموضع الثالث: إذا دعاه الإِمام وجب أن يستجيب؛ لقول الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ}[التوبة: ٣٨]، وهذا إنكار عليهم؛ لأنهم إذا قيل لهم: انفروا في سبيل الله اثاقلوا إلى الأرض.
الموضع الرابع: إذا احتيج إليه، مثل أن يكون عنده علم بنوع من السلاح لا يعرفه إلا هو، فهنا يتعين عليه أن يتقدم ويقاتل.
إذًا: الأصل أن القتال فرض كفاية، ويتعين في هذه الأمور الأربعة.
والقتال ليس لإرغام الناس على الدخول في دين الله إنما القتال لأجل أن تكون كلمة الله هي العليا؛ بحيث لا يقوم أحد يضاد الدين ويمانعه، والدليل على هذا: ما رواه مسلم في صحيحه من حديث بريدة بن الحصيب أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان إذا أمّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرًا، وفيه:"فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فأقبل منهم وكف عنهم"(١)، وهذا يدل على أن القتال ليس لإرغام الناس على أن يسلموا؛ لأن إعطاء الجزية لا
(١) رواه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإِمام الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيرها، حديث رقم (١٧٣١) عن بريدة.