للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول الله عزّ وجل ردًا على هؤلاء الذين قالوا: {لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} [النساء: ٧٧] يقول: إذا كنتم تقولون ذلك من أجل أن تتمتعوا قليلًا في الدنيا فإنكم لن تنجوا من الموت، {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ}، سواء كنتم في الجو، أو في البحر، أو في الأرض، أو في بروج مشيدة، أو في دور منهارة، أو في فلاة من الأرض، {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} و"أين" معروف أنها للمكان.

وقوله: {يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} أي: لا يخطئكم ولا تفوتونه، بل في آية أخرى ما هو أشد، حيث قال الله عزّ وجل: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} [الجمعة: ٨]، ولم يقل: فإنه لاحقكم، بل قال: {مُلَاقِيكُمْ}، وما ظنك بشيء إذا فررت منه لاقاك؛ تكون أنت أسرع إليه مما لو كان يلحقك ولا شك؛ لأنه يجتمع فرارك، والثاني ملاقاتك فيكون أسرع، فقول الله عزّ وجل: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} وماذا بعد الموت؟

بعد الموت ملاقاة الله عزّ وجل بالخير أو بالشر؟

ولا ندري متى يكون الموت، ولا في أي أرض، كما قال تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: ٣٤] إذًا: فلنستعد، ولنكن دائمًا في يقظة، حتى إذا أدركنا الموت فنحن على الحال التي يرضاها ربنا عزّ وجل.

وقوله: {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ} البروج: جمع برج، وهو: البناء العالي، ومنه البروج التي في السماء، وهي اثنا عشر برجًا أشار الله إليها في قوله: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} [الفرقان: ٦١].

<<  <  ج: ص:  >  >>