هذه البروج تدور عليها أوقات السنة من الربيع والصيف والخريف والشتاء، وكل فصل يكون له ثلاثة بروج. وأحسن البروج وأنفعها للبدن برج الحَمَل الذي يكون في أول الربيع؛ فإنه أصح ما تكون فيه الأجسام، هذا من حيث إنه برج، لكن هناك أشياء تعتري الإنسان يكون فيها بدنه صحيحًا أو يكون مريضًا حسب الحال، لكن من حيث الزمن أحسن ما يكون فصل الربيع.
فالمراد بالبروج هنا الأبنية العالية؛ لأنها تشبه بروج السماء في علوها وارتفاعها، وأما من قال: إن المراد بذلك البروج السماوية فقد أبعد وأخطأ؛ لأن الله قال:{مُشَيَّدَةٍ} وهذا الوصف لا يكون أبدًا للبروج السماوية، إنما يكون للقصور العالية.
وقوله:{مُشَيَّدَةٍ} أي: محكمة متقنة، ويضاف إلى ذلك أنها مطلية بالشيد، وهو: الجص؛ أي: مطلية بالبياض؛ لأن البياض محبوب للنفس، واقٍ من حر الشمس، فلذلك تُشاد به القصور.
وقوله:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ} الهاء في قوله: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ} تعود للمكذبين للرسول - صلى الله عليه وسلم -.
والمراد بالسيئة هنا: ما يسوء، وليس المراد بها سيئة العمل، بل ما يسوء الإنسان، مثل: القحط، والمرض، والفقر، وما أشبه ذلك، القحط من السماء فلا تمطر، والجدب من الأرض فلا تنبت، فإذا أصابتهم سيئة قالوا: هذه من عندك، وإن أصابتهم حسنة وهي ضدها من الخصب والمطر والغنى والصحة قالوا: هذه من عند الله، يعني: ليس لك فضل، وفي السيئة يقولون: هذه من عند محمد هو الذي أتى بها، فيتطيرون به عليه