للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصلاة والسلام، وهذا كقول بني إسرائيل لموسى: {اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} [النمل: ٤٧].

وكما قالت الأقوام لرسلهم: {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨)} [يس: ١٨] فالتطير كان من شأن المكذبين للرسل، حيث إنهم كانوا يقولون: ما أصابنا من الجدب والقحط والمرض والفقر فهو منكم، وإن أصابهم ضد ذلك مما هو حسن في نفوسهم قالوا: هذا من عند الله.

قال الله تعالى ردًا عليهم {قُلْ} أي: يا محمد! {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} الحسنة والسيئة من عند الله؛ لأن الله هو الذي يقدر ذلك، وليس من مجيء الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بل مجيء الرسول لا يأتي إلا بخير، لكن هم يتحججون على الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذه الشبهات لأجل أن يكذبه الناس وينفروا منه.

وقول الله تعالى: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} فهو الذي يقدر الخير ويقدر الشر، وهذا الجواب جواب سديد؛ لأنه لا يمكن أن يأتي بالمطر إلا الله، ولا يمنع المطر إلا الله، ولا يأتي بالصحة إلا الله، ولا يأتي بالمرض إلا الله عزّ وجل، فالكل من عند الله.

وقوله: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} "ما" استفهام تعجب، يعني: عجبًا لهؤلاء القوم.

{لَا يَكَادُونَ} أي: لا يقربون، ومعلوم أن نفي القرب نفي للمباشرة من باب أولى، فإذا كانوا لا يكادون يفقهون فمن باب أولى لا يفقهون إطلاقًا وليسوا قريبين من الفقه، وقوله: {حَدِيثًا} أي: ما يحدثون به.

<<  <  ج: ص:  >  >>