للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا: لا ينبغي للإنسان المبين للناس أحكام شريعة الله أن ينهاهم عن شيء حتى يفتح لهم باب الحل.

مثلًا: إنسان يعامل معاملة ربوية فقلت له: هذا حرام لا يجوز، ومعاملته كلها على هذا المنوال؛ أي: أنها ربوية، ولم ينهه أحد قبلك، فإذا قلت: هذا حرام، وهذا ربا فلا بد أن تفتح له باب البيع الحلال؛ حتى يهون عليه ترك ما كان معتادًا له، وينتقل إلى الحلال بسهولة؛ لأن صرف الإنسان عما كان يعتاده صعب جدًا، وهكذا ينبغي لطالب العلم إذا ذكر للناس شيئًا محرمًا أن يذكر لهم ما يستغنون به عن هذا المحرم من الشيء الحلال.

والخلاف سنة الله في خلقه، وقد ورد حديث ليس بصحيح: "اختلاف أمتي رحمة" (١) والمعنى أيضًا ليس بصحيح، بل الوفاق هو الرحمة، لقوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: ١١٨، ١١٩] , ولو صح الحديث لكان معناه اختلاف أمتي رحمة بمعنى أن المختلفين فيما يسوغ فيه الخلاف لا يأثمون، لكن من العجيب أن العامة، إذا أرادوا شيئًا أتوا بنص ولو كان ضعيفًا، ثم فسروا النص بما يريدون، فيستفتيك عامي ويقول لك: هذا حلال أو حرام؟ فتقول: هذا حرام، فيذهب إلى


(١) ذكره نصر المقدسي في الحجة والبيهقي في رسالة الأشعرية بغير سند، وأورده الحليمي والقاضي حسين وإمام الحرمين وغيرهم، ولعله خرج به في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا، قال المناوي في الفيض (١/ ٢٠٩): لم أقف له على سند صحيح، وقال الحافظ العراقي: سنده ضعيف، وقال الألباني: موضوع، انظر الجامع الصغير وزيادته (١/ ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>