للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {إِلَّا خَطَأً} يعني: أنه لا يمكن أن يقتله خاطئًا، بل مُخطئًا، والفرق بين الخاطئ والمخطئ: أن الخاطئ هو: من ارتكب الخطأ عمدًا، والمخطئ: من ارتكبه بغير عمد وقصد.

ويكون الخطأ إما بالقصد وإما بالآلة، أما الخطأ بالقصد فمثل: أن يرمي صيدًا رمية قاتلة فيصيب إنسانًا لم يقصده، فهذا خطأ بالقصد، والخطأ بالآلة مثل: أن يضربه عمدًا بسوط لا يقتل مثله غالبًا، فهذا خطأ بالآلة؛ لأنه لم يظن أنها تقتله، ولهذا لم يكن قاصدًا لقتله، وإنما العصا يؤدب بها الإنسان عادة، ولكن قدر الله عزّ وجل أن تسري هذه الجناية حتى يموت المضروب.

ثم قال: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} "مَنْ" هذه شرطية، وفعل الشرط قوله: {قَتَلَ} وقوله: {فَتَحْرِيرُ} جواب الشرط، وقرن بالفاء لأنه جمله اسمية، وكلمة "تَحْرِير" مبتدأ، والخبر محذوفًا، والتقدير: "فعليه تحرير رقبة".

وتحرير الشيء هو تخليصه، والمراد بهذا التحرير: تخليص الرقبة من الرق خاصة، لا تخليصها من الهلاك، ولهذا لا يعتبر من أنقذ شخصًا محررًا له، بل من حرره من الرق وخلصه منه فهو المحرر.

والمراد بالرقبة هنا: النفس كاملة، لكن يعبر بالرقبة عنها لأن الجسد لا يمكن أن يقوم بدون رقبة، ولهذا إذا قطعت رقبته هلك.

وقوله تعالى: {مُؤْمِنَةٍ} المراد بالإيمان هنا ما يشمل الإِسلام، وليس المراد بالإيمان: الإيمان المطلق، بل المراد: مطلق الإيمان, ولهذا لو أعتق فاسقًا لأجزأه.

<<  <  ج: ص:  >  >>