للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الآية؛ ولهذا لما أراد الله عزّ وجل أن يكون الإطعام بدلًا عن الصيام ذكره كما في آيات الظهار.

فإن قال قائل: أفلا يصح أن يقاس هذا على الظهار؟

قلنا: لا يصح؛ وذلك لاختلاف السبب، فإن سبب الكفارة في الظهار هو الظهار، وسبب الكفارة في القتل هو القتل، وبينهما فرق، فالظهار سماه الله تعالى منكرًا من القول وزورًا، والقتل الخطأ لم يصف الله تعالى فاعله بما يقتضي قبح فعله.

٢٥ - أن على القاتل خطأ مع الكفارة أن يتوب؛ لقول الله تعالى: {تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ}، وحينئذ يرد على ذلك إشكال، وهو: كيف تجب عليه التوبة والكفارة مع أن فعله خطأ؟ !

فنقول: لأن الخطأ قد يكون نتيجة للتساهل في عدم التحري، مثلًا: من قتل الخطأ أن يرمى صيدًا فيصيب آدميًا، فنقول: هذا الرجل لو أنه تأنى حتى تحقق الأمر لسلم من هذا الخطأ، فلذلك لما كانت النفوس عظيمة، والعدوان عليها عظيمًا، وكان الإنسان قد يقصر في بعض الأحيان أوجب الله الكفارة وأوجب التوبة.

فإن قال قائل: وهل تجب الكفارة في القتل العمد؟

قلنا: لا تجب في القتل العمد؛ لأن قتل العمد أعظم من أن يكفر بالعتق أو بالصيام، ومن قاسه على القتل الخطأ فقد أخطأ؛ وذلك للفرق بين الجناية وبين مقتضيات الجناية، فإن مقتضى العمد أن يقتل القاتل والخطأ لا يقتل، كذلك في العمد الدية في مال القاتل مغلظة، والخطأ على عاقلته ومخففة أيضًا، فلا يمكن أن يقاس هذا على هذا مع اختلاف السبب والمقتضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>