فإن قيل: الغضب صفة نقص، بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها حين قال الرجل:"أوصني، قال: لا تغضب، فردد مرارًا قال: لا تغضب"(١)؟
قلنا: هي صفة نقص بالنسبة للمخلوق، أما بالنسبة للخالق فإنها صفة كمال؛ لأنها تدل على كمال السلطة وكمال القوة، ولهذا إذا أسأت إلى شخص أقوى منك غضب، وإن أسأت إلى شخص دونك حزن، فذاك يغضب؛ لأنه قادر على الإنتقام، والثاني يحزن؛ لأنه عاجز عن الإنتقام.
٦ - أن من قتل مؤمنًا متعمدًا فمن جزائه أن يلعن بأن يطرد من رحمة الله، لقوله:{وَلَعَنَهُ}، ويتفرع على هذه الفائدة: هل يجوز أن نلعن القاتل بعينه، ونقول: أنت ملعون مغضوب عليك؟
الجواب: لا، لكن نقول: أنت قاتل للمؤمن عمدًا، والله يقول:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} إلى آخر الآية، فنفرق بين أن نحكم على هذا الرجل بأنه ملعون؛ لأنه يجوز أن يتوب فتزول اللعنة.
٧ - أن الله تعالى هيأ العذاب لمن يستحقه، لقوله:{وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، ويتفرع على هذه الفائدة: أن النار التي يعذب بها الكافرون موجودة الآن، كما قال تعالى:{أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}[البقرة: ٢٤]، ورآها النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخسوف.
٨ - عظم عذاب النار، لقوله:{عَظِيمًا}، والعظيم إذا
(١) رواه البخاري، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، حديث رقم (٥٧٦٥) عن أبي هريرة.