للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفات الفعلية التي تقع بمشيئة الله تعالى، وكل صفة مرتبة على سبب فهي من الصفات الفعلية؛ لأنها توجد بوجود ذلك السبب وتنتفي بانتفائه، ولكن هل الغضب على ظاهره؛ أي: أنه صفة في الغاضب يترتب عليها الإنتقام، أو إنه شيء بائن عن الغاضب والمراد به الإنتقام؟ نقول: أما السلف فيقولون: إن الغضب صفة في الغاضب يترتب عليها الإنتقام، وليست هي الإنتقام، ويدل لذلك: أن هذا هو ظاهر اللفظ، وأن الله تعالى قال: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: ٥٥]، فلو قيل: إن الغضب هو الإنتقام لكان معنى الآية: فلما انتقمنا منهم انتقمنا منهم، وهذا معنى ينزه عنه كلام الله، والآية صريحة في أن الإنتقام كان سببه الغضب، والسبب غير المسبب.

إذًا فالغضب صفة قائمة بالله عزّ وجل، وليست هي الإنتقام، أما أهل التعطيل والتحريف فقالوا: إن الغضب هو الإنتقام، أو إرادة الإنتقام، ولكن أهل السنة قالوا: إننا نلزمكم بأن تقولوا بأن الغضب صفة قائمة بالله؛ لأنه لا ينتقم إلا ممن غضب عليه، فالإنتقام لازم من لوازم الغضب، وإرادة الإنتقام كذلك؛ لأن الله لم ينتقم منهم أو يرد الإنتقام منهم إلا لأنهم أغضبوه، وعليه فيتعين علينا أن نؤمن بأن الله تعالى يغضب.

فإن قال قائل: الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم يغلي منها دم القلب، وتنتفخ منها الأوداج، ويحمر الوجه، وينتفش الشعر، فهل تقولون بثبوت هذا لله؟

قلنا: لا، بل هذا غضب المخلوق، أما غضب الخالق فلا نعلم كيفيته، لكن نؤمن بأنه جل وعلا يغضب.

<<  <  ج: ص:  >  >>