للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض العلماء: إن الآية على تقدير شيء محذوف، والتقدير: فهذا جزاؤه إن جازاه، وإن لم يجازه ففضل الله واسع، كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ١١٦]، ولكن هذا التخريج لا نخرج به من المأزق؛ لأن كلامنا على ما إذا جازاه، فهل يخلد أو لا؟ والله عزّ وجل ذكر في الآية أنه سيجازيه بهذا، فيكون هذا التخريج ضعيفًا.

الوجه الثالث: أن المراد بالخلود هنا المكث الطويل.

الوجه الرابع: أن هذا الوعيد مرتب على سبب، والسبب قد يوجد له مانع يمنع من نفوذه؛ لأن الأشياء لا تتم إلا بوجود أسبابها وانتفاء موانعها، فيقال: هذا جزاؤه، ولكن إذا دلت النصوص على أن هناك مانعًا يمنع من الخلود الدائم فنأخذ بهذا المعنى؛ كقول الله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١]، فلو كان أحد الأبوين كافرًا فإنه لا يستحق الميراث مع أن الآية ظاهرها العموم، فيقال: إن نصوص الشرع يُقيد بعضها ببعض، وهذا الوجه أسلمها على تقدير أن الخلود هو المكث الدائم، أما إذا قلنا: إن الخلود هو المكث الطويل فإنه لا يرد على الآية شيء مما ذكرنا.

الوجه الخامس: أن من قتل مؤمنًا عمدًا أو شك أن يمسخ، ويطبع على قلبه، ويموت على الكفر، ويؤيده قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا" (١) والمعنى: أن مآله والعياذ بالله أن يزول الإيمان منه بالكلية ثم يموت على الكفر.

٥ - إثبات الغضب لله عزّ وجل، والغضب صفة من


(١) رواه البخاري، أول، كتاب الديات، حديث رقم (٦٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>