للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجاهدين في سبيل الله؛ لأن الضرب يكون في الأرض وتختلف النيات فيه، كما قال تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [المزمل: ٢٠] فهؤلاء هم التجار، وهؤلاء مجاهدون فقوله: {إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي: خرجتم مجاهدين في سبيل الله.

وقوله: {فَتَبَيَّنُوا} هذه الآية نزلت في قوم خرجوا للجهاد فأصابوا قومًا قالوا: أسلمنا، لكنهم لم يقولوها بهذا اللفظ، بل قالوا: صبأنا، فظنوا أن معنى قولهم: صبأنا أي: بقينا صابئين؛ أي: غير مسلمين، فقاتلوهم، فقال الله عزّ وجل: {فَتَبَيَّنُوا} وفيه قراءة: "فتثبتوا" في الموضعين، يعني: تقرأ {فَتَبَيَّنُوا} أو تقرأ "فتثبتوا" وعلى هذا فليس فيها إلا قراءتان، بمعنى أنك إذا قرأت الأول {فَتَبَيَّنُوا} فاقرأ الثاني {فَتَبَيَّنُوا}، وإذا قرأت الأول "فتثبتوا" فاقرأ الثاني "فتثبتوا"، ولا يجوز أن تخالف فتقرأ الأول {فَتَبَيَّنُوا} والثاني "فتثبتوا" أو بالعكس.

وقوله: {فَتَبَيَّنُوا} أي: اطلبوا بيان الأمر، والتبين نتيجة التثبت، ولهذا كانت القراءتان بمنزلة المعنيين اللذين يترتب أحدهما على الآخر، والذي يترتب على التثبت هو التبين؛ لأنه يجب أن يتثبت أولًا ليتبين له الأمر، فيكون في مجموع القراءتين فائدة عظيمة، أنك تتثبت وبالتثبت يتبين الأمر، فلا تستعجل.

وقد سبق ذم المستعجلين في قوله تبارك وتعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: ٨٣].

فقوله: {فَتَبَيَّنُوا} أي: فتثبتوا، ولا تقدموا على فعل شيء

<<  <  ج: ص:  >  >>