الناس غنائم عظيمة كثيرة في زمن الفتوحات الإسلامية.
قال الله تعالى:{كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ} أي: كحال هؤلاء القوم كنتم من قبل؛ أي: كنتم أنتم كفارًا قبل أن تكونوا مؤمنين تجاهدون الكفار على أن تكون كلمة الله هي العليا، أو أن المعنى كنتم مستضعفين فلم تجهروا بإسلامكم فلما قويتم جهرتهم به.
قوله:{فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} المن هو: العطاء بلا ثمن؛ أي: أعطاكم الله سبحانه عطاءً بلا ثمن إلا الشكر، والشكر في الواقع ليس ثمنًا للنعمة؛ لأن الله تعالى لا ينتفع به، وإنما الذي ينتفع به هو العبد الشاكر. فإذًا: نعمة الله عليك بالتوفيق للشكر نعمة عليك، ولو شاء الله تعالى ما شكرت، وفي هذا يقول الشاعر:
إذا كان شكري نعمة الله نعمة ... علي له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله ... وإن طالت الأيام واتصل العمر
فإذا أعطاك الله خيرًا دينيًا أو دنيويًا ثم شكرته فتوفيقك للشكر نعمة تحتاج إلى شكر، فإذا شكرت فهذا التوفيق للشكر صار نعمة أخرى، وإذا شكرتها صار نعمة أخرى، إذًا: لا يمكن أن تبلغ شكر الله عزّ وجل، ولهذا كان من الأذكار الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:"لا أحصي ثناء عليك؛ أنت كما أثنيت على نفسك"(١) ومع ذلك يمن الله علينا بالإسلام، ونسلم، ويجازينا عليه، ثم يقول: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (٦٠)} [الرحمن: ٦٠]
(١) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، حديث رقم (٤٨٦) عن أبي هريرة.