للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[العاديات: ٩ - ١٠]؛ ولهذا يجب على الإنسان أن يعتني بعمل القلب أكثر مما يعتني بعمل الجوارح؛ لأن عمل الجوارح قد يدخلها الهوى، وقد يتصنع الإنسان بعمله للدنيا، ولكسب الناس، وللجاه، وللمال، ولغير هذا، لكن عمل القلب لا يمكن أن يتصنع فيه الإنسان؛ لأنه لا يقع إلا بإخلاص إذا كان صالحًا.

وقوله: {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} كأن الله عزّ وجل يشير إلى التوبيخ لهؤلاء القوم الذين تعجلوا؛ فإن منهم من يريد الغنيمة، ولذا قال: {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}؛ لأن كل ما في الدنيا فإنه عرض أي عارض يزول، كما هو الواقع، فالدنيا لا شك أنها عرض، وأنها تزول، وأن الإنسان يزول عنها، فأنت إما أن تفقد الدنيا، وإما أن تفقدك الدنيا، فكل إنسان إما أن يفتقر ويفقد ما عنده من الدنيا، وإما أن يموت فيفقده المال، ولهذا سمى الله سبحانه متاع الدنيا عرضًا؛ لأنه يزول، وأما الباقي فهو ثواب الآخرة، قال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧)} [الأعلى: ١٦ - ١٧].

وقوله: {فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ} سبحان الله! لما وبخهم على إرادة الغنيمة في هذه القصة التي وقعت وعدهم بأن هناك مغانم كثيرة، كما قال تعالى في سورة الفتح: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} [الفتح: ٢٠]، فالله سبحانه عنده مغانم كثيرة، وما أكثر المغانم التي غنمها المسلمون في غزواتهم، غنموا أموالًا كثيرة حتى قيل: إنه كان يؤتى بالدنانير وتوضع في المسجد كأنها سفرة من طعام، أي ليست في الأكياس أو الجروب، بل توضع على الأرض كأنها سفرة من طعام، أو كأنها تل من رمل، وغنم

<<  <  ج: ص:  >  >>