للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قراءتين؛ لأن في ذلك مفسدتين: خاصة وعامة، الخاصة أنهم يتهمونك بالخطأ، ويقولون: صلينا خلف إمام يلحن ويقول في قراءته: "لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرَ أُوْلي الضَّرَرِ" والذي في المصحف: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} إذًا: هذا إمام لا يصلح؛ لأنه يلحن.

والمفسدة العامة: أن الناس إذا قيل لهم: إنه لم يلحن، ولكنه قرأ بقراءة ثانية، ربما تهبط عظمة القرآن في نفوسهم، ويقولون: كيف يختلف القرآن؟ سبحان الله! فلهذا لا ينبغي أن يقال لكل إنسان: إن في هذا قراءتين كما قال علي - رضي الله عنه -: "حدثوا الناس بما يعرفون" أي: بما يمكنهم معرفته من غير نفور "أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟ " (١)، والجواب: لا، إذًا: حدث الناس بما تبلغه عقولهم، وبما يمكن أن يخدموه ويعرفوه، وليس معنى قوله: "حدثوا الناس بما يعرفون" أن تحدثوهم بما كانوا قد عرفوه؛ لأن هذا لا فائدة فيه؛ فالذي قد عرفوه لا حاجة للتحديث به، اللهم إلا على سبيل التذكير بعد الغفلة فهذا يمكن.

وقول الله عزّ وجل: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} الضرر الذي يسقط وجوب الجهاد بيَّنه الله تعالى في قوله: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [النور: ٦١]، فهذه الأعذار الثلاثة هي التي تسقط وجوب الجهاد، وقال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} بشرط {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: ٩١] فهؤلاء هم أهل العذر.

وقوله: {وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} المجاهد:


(١) رواه البخاري، كتاب العلم، باب من خص بالعلم قومًا دون قوم (١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>