للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو الذي بذل جهده؛ أي: طاقته في إدراك ما يريد، وقوله: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي: في شريعة الله، وهذا يشمل القصد والتحرك، فالقصد بينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" (١)، والتحرك: أن يكون الجهاد على وفق الشرع، بحيث نقوم به حينما يكون فرضًا أو سنة، ونحجم عنه حينما يكون ضرره أكثر من التحرك به.

مثلًا: لو أن الأمة الإسلامية عندها تأخر في السلاح وفي العَدَد والعُدد أيضًا، والأمم ضدها أقوى منها سلاحًا وأكثر عددًا، فليس من المستحسن أن نقاتل، ولهذا لم يوجب الله القتال على الأمة الإسلامية إلا حين كانت مستعدة وقادرة، وأمر بالإستعداد فقال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: ٦٠].

وأما قوله تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً} [البقرة: ٢٤٩]، فإن هذه المسألة خاصة في بدر، ولهذا قال الله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: ٦٦] فأجاز للناس أن يفروا من عدوهم إذا كانوا أكثر من مثليهم.

إذًا قوله: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} يشمل معنيين:

المعنى الأول: القصد، بأن يكون قصد المجاهد إقامة شريعة الله، وأن تكون كلمة الله هي العليا.

والمعنى الثاني: أن يكون على وفق الشريعة؛ لأن {فِي} للظرفية، والمظروف قوله: {سَبِيلِ اللَّهِ} فإذا قلت: الماء في


(١) تقدم (١/ ٥٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>