١٣ - إثبات الرحمة لله، والرحمة التي أضافها الله إلى نفسه نوعان: منها صفة لله، ومنها مخلوق من مخلوقات الله، سماه الله تعالى "رحمة"، فمن الأول: قول الله تبارك وتعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ}[الكهف: ٥٨] فهذه صفة، ومن الثاني: قوله تبارك وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}[الشورى: ٢٨] فالمراد بالرحمة هنا ما يكون أثرًا للمطر من النبات وغير النبات، ومن ذلك أيضًا قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١٠٧)} [آل عمران: ١٠٧]، فالمراد بالرحمة هي: الجنة، بدليل قوله:{فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ}[هود: ١٠٦] وهذه رحمة مخلوقة، ومنه قوله في الحديث القدسي للجنة:"أنت رحمتي أرحم بك من أشاء"(١) فتبين بهذا أن الرحمة تنقسم إلى قسمين: مخلوقة، وصفة، فالمخلوقة من جملة المخلوقات، شيء بائن من الله عزّ وجل لا ينسب إليه إلا نسبة خلق وإيجاد، لكنه من آثار الرحمة التي هي الصفة، وأما الرحمة التي هي الصفة فهي صفة تابعة للذات؛ أي: لذات الله عزّ وجل.
١٤ - إثبات هذين الإسمين لله وهما: الغفور، والرحيم، في قوله:{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} وقد مر تفسيرهما.
* * *
(١) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}، حديث رقم (٤٥٦٩)؛ ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، حديث رقم (٢٨٤٦) عن أبي هريرة.