وصاحب الفرض في هذه المسألة هي الأم، وقد أعطيناها نصيبها، ثم بحثنا وقارنا بين الأب والإخوة فوجدنا أن الأب أولى؛ لأن الميت بضعة منه، فقلنا: الباقي للأب.
فإن قال قائل: كيف يحجب الإخوة وهم محجوبون؟
فنقول: نعم، يحجبون غيرهم وهم محجوبون؛ لأن حجبهم هنا لوجود المانع، فإن الذي منعهم من الإرث هو الأب لا لفوات الشرط، فهم من أهل الإرث، فليس فيهم مانع من موانع الإرث حتى نقول: إن هؤلاء ليسوا مستحقين بالأصل من الميراث، بل نقول: إنهم مستحقون لولا وجود المانع؛ فلهذا حجبوا وهم محجوبون.
والغريب في هذه المسألة: أنه لو كان الإخوة إخوة من أم؛ فإنهم يحجبون الأم من الثلث إلى السدس، وهذه غريبة من غرائب العلم أن يكون المدلي حاجبًا لمن أدلى به، والعادة أن الذي يَحجب هو المدلى به، فالإبن يحجب ابن الإبن؛ لأن الإبن مدلي بالإبن، ومن أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة، وهنا الإخوة من الأم مدلون بالأم، ولم تحجبهم الأم، بل هم الذين حجبوا الأم، فهي على العكس، ولكن مسائل الفرائض كثير منها لا مجال للرأي فيها، ولا مدخل للإجتهاد فيها كما قال تعالى:{آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ}.
فيكون ميراث الأبوين على أحوال:
الحالة الأولى: إذا كان معهم ولد؛ فلكل واحد منهما السدس، فإن كان الولد ذكرًا فليس سوى السدس، وإن كان أنثى فللأب ما بقي بعد الفروض تعصيبًا.