البلاد، لكن إذا بقي هؤلاء الأخيار وعالجوا الأمور بحكمة، فالغالب أن الله يجعل لهم فرجًا، نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين.
٦ - أن الظالم يحتج بأي حجة كانت، لقول هؤلاء:{كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ} والواقع أنهم غير مستضعفين، لأن الملائكة قالت لهم:{أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا}، لكن الإنسان إذا ابتلي حاول أن يدافع عن نفسه بأي حجة حتى وإن لم تكن صحيحة، وهذا نجده كثيرًا في مقام المناظرات بين العلماء في المسائل العقدية والعملية.
فتجد بعض العلماء - مثلًا - حين يجيب عما هو عليه من المذهب عقديًا كان أم عمليًا تجده يجيب بأجوبة باردة. فتستغرب وتقول: كيف يجيب هذا العالم النحرير بهذا الجواب غير المفيد؟ لكن مقام الضيق والضنك يحرج رأيه، فتجده يجيب بغير ما هو حق حتى في نفسه، ولو أنه رجع إلى نفسه لوجد أن إجابته غير صحيحة.
٧ - أن الشريعة إن منعت بابًا ضيقًا فتحت بابًا أوسع، وتؤخذ من قوله:{أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا}، فالله تعالى لم يحجر عليهم الأرض، بل جعلها واسعة، وهذا كقوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦)} [الشرح: ٥ - ٦].
٨ - أن التخلف عن الهجرة الواجبة من كبائر الذنوب، لقوله تعالى:{فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} ووجه الدلالة: أنه ترتب عليها عقوبة خاصة.