للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: أن يكون الإنسان مغموصًا ومغمورًا بحيث لا يستطيع أن يؤدي شعائر دينه في بلاد الكفر، فإن كان يستطيع فإنه لا تجب عليه الهجرة، بل إذا كان يستطيع أن يدعو إلى دين الله ويجد قبولًا من الناس فربما نقول: إن بقاءه واجب؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ثالثًا: أن يجد مكانًا خيرًا من هذا المكان الذي هو فيه، فإن كانت الدنيا كلها متساوية في أنه لا يستطيع الإنسان إظهار دينه سواء في هذا البلد أو في هذا البلد فلا يجب؛ لأن الإيجاب هنا لغو لا فائدة منه، فكيف نقول: يجب أن تهاجر من هذا المكان إلى مكان آخر لا تستطيع فيه إظهار دينك؟ ! وما الفائدة إلا مجرد التعب والعناء والقلق واختلاف البلدان عليه، وما أشبه ذلك.

وهل الدعوة من شعائر الدين التي يهاجر الإنسان بسببها إن لم يتمكن منها؟

الدعوة محل نظر، فقد يقال: إن من أساسيات الدين الإسلامي الدعوة إلى الله عزّ وجل، فإذا عجز الإنسان عنها فهو آثم، وقد يقال: لا، بل الدعوة فرض كفاية، وأيضًا ليست متعلقة بشخص الإنسان، فهي عندي محل نظر. والله أعلم.

وإذا كان المسلم لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه في بلاده لكن يستطيع أن يقيمها في بلاد الكفر فهل يهاجر؟ نقول: الأولى ألا يهاجر؛ لأن هذه الحال ربما لا تدوم، فقد يغير الله الحال، وهي إن شاء الله ليست دائمة بإذن الله، وإذا هاجر أهل الخير عن البلد، ولم يبق إلا المستضعف صار الأمل ضعيفًا في إصلاح

<<  <  ج: ص:  >  >>