الصدر، وفي كل شيء، سعة في الرزق ولا يقول: إني غادرت بلدي فمن أين آكل وأشرب؟ وسعة في الدين؛ لأنه ليس له أحد يقوم ضده ويضيق عليه في دينه، وسعة في الصدر فتتسع بها صدورهم؛ لأنهم كانوا في بلاد الشرك مخنوقين ومضيقًا عليهم، والآن هم أحرار طلقاء.
وقوله:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ} يقال: إن رجلًا خرج من مكة مهاجرًا، وإنه مات في التنعيم أثناء سفره، فقيل: بطلت هجرته، فأنزل الله هذه الآية:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}.
وقوله:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ} انظر إلى قوله: {مِنْ بَيْتِهِ} فالبيت يحوي الإنسان، والإنسان يألفه، وهو وطنه، فيخرج من هذا البيت الأليف الذي هو الوطن مهاجرًا إلى الله ورسوله، يترك مأواه ومثواه من أجل الهجرة إلى الله ورسوله، والهجرة إلى الله بالإخلاص، وإلى رسوله بالإتباع، فيريد أن يهاجر إلى الله عزّ وجل ليقيم شرعه، وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليتبعه وينصره أيضًا.
وقوله:{ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} يعني: ثم يموت، وكلمة {يُدْرِكْهُ} قد تعطي أنه كالفار الذي يريد أن يصل إلى مهاجره، لكن الموت لحقه فأدركه.
وقوله:{فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}{وَقَعَ}: بمعنى: ثبت؛ أي: ثبت أجره على الله عزّ وجل، والأجر هو: الثواب، ولم يقل: وقع أجره على الله ورسوله، مع أن الهجرة كانت إلى الله ورسوله؛ لأن الهجرة إلى الرسول وسيلة، والغاية هي: الهجرة