للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بصير عنده - قال: ارجع معهم، الشرط، فانطلق معهم راجعًا إلى مكة، وفي أثناء الطريق بعد أن أمنا منه قال لأحدهما وأخذ سيفه: هذا سيف ما شاء الله وأخذ يمدح السيف، فقال صاحب السيف: نعم، وكم ضربت به من هامة! فقال: أعطني أنظر إليه، فأعطاه إياه فسله فضرب هامته به، والصاحب الثاني هرب إلى المدينة، فلما وصل إلى المدينة وإذا أبو بصير - رضي الله عنه - في إثره، فقال أبو بصير - رضي الله عنه -: يا رسول الله! إن الله قد أوفى بعهدك أو بذمتك سلمتني لهم، لكني نجوت، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ويل أمه! مسعر حرب لو يجد من ينصره" (١)، وعرف أبو بصير أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سيرده، فخرج من المدينة إلى الساحل، وبقي عند الساحل، وكلما أتت عير لقريش غار عليها، فسمع به أناس من أهل مكة من المستضعفين وغير المستضعفين فخرجوا إليه، فكوّنوا جماعة، فتعبت قريش من ذلك، وأرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها ألغت هذا الشرط.

إذًا: صار في هجرة الإنسان من بلاد الشرك مراغمًا لأهل البلد، يعني: ترغم بها أنوفها، والرغام هو: التراب، ورغم الأنف بالتراب معناه غاية الذل.

وقوله: {مُرَاغَمًا كَثِيرًا} قد تشير إلى تجمع القوم؛ لأنه كان المتبادر أن يقال: "مراغمًا عاصمًا" لكنه قال: {كَثِيرًا} ولعل ذلك - والله أعلم - إشارة إلى أنه سيجتمع إليه من يكثر بهم.

وقوله: {وَسَعَةً} أي: سعة في الرزق، وفي الدين، وفي


(١) رواه البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، حديث رقم (٢٥٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>