للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: ٣٣]، يعني: هذا هو الغالب، فقالوا: إن الآية خرجت مخرج الغالب فلا مفهوم لها، وهؤلاء عكس الذين يقولون: إنه يشترط الخوف.

وقال بعض العلماء: إن هذا القيد قيد للقصر من صلاة السفر، والقصر من صلاة السفر أن يجعلها واحدة، وعلى هذا فيكون المراد بالخوف: أن تجعل الثنائية واحدة، واستدلوا لذلك بأنه جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخوف أنه صلى بأصحابه ركعتين، كل طائفة صلت ركعة واحدة فقط وانصرفوا (١)، وهذا أيضًا قول في هذه الآية.

فيكون المراد بقصر صلاة الخوف إلى ركعة لا إلى ركعتين.

وقال بعض أهل العلم - وهو قول رابع -: إن القصر قصران: قصر عدد، وقصر صفة، فقصر العدد لا يشترط فيه الخوف، وقصر الصفة يشترط فيه الخوف، وقصر الصفة في صلاة الخوف هو: أنه يفعل فيها أشياء لو فعلت في حال الأمن لأبطلت الصلاة، فخفف في هيئتها وكيفيتها، وهذا نوع من القصر، فهو قصر كيفية وليس قصر كمية، فهذه أقوال الناس التي تحضرني في هذه الآية، ولكن نقول:

إذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام

فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته" (٢) لم يبق شيء لأهل الكلام فنقول: إن الله تعالى شرط ذلك في أول الأمر، ثم سهل على عباده وتصدق عليهم،


(١) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب وقول الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} (٩٤٢)؛ ورواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف (٨٣٩).
(٢) تقدم ص ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>