يطلع عليها فليرجع إلى "شرح المهذب" فإنه قد بيّنها.
٥ - أنه لا يجوز قصر الصلاة إلا عند الخوف، لقوله:{إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}، وهذا ظاهر الآية، لكن جاءت السنة تبين أن هذا ليس بشرط، يعني: أنه لا يشترط لجواز القصر الخوف، وذلك بما ثبت في "صحيح مسلم" أن رجلًا قال لعمر - رضي الله عنه -: إن الله يقول: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ونحن الآن آمنون، فقال عمر: لقد عجبت مما عجبت منه، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال:"صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته"(١) وهذه سنة قولية تدل على أن الخوف ليس بشرط.
وهناك سنة فعلية تدل على أن الخوف ليس بشرط، وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصر في حجة الوداع وهو آمن ما يكون؛ إذ لا يوجد خوف إطلاقًا.
وقال بعض العلماء: إن الآية لا تدل على أن هذا القيد شرط؛ لأن هذا القيد جاء على الغالب، والناس حين نزول الآية كانت أسفارهم مخوفة، وما جاء بناءً على الغالب فإنه لا يكون قيدًا، وهذا معروف في أصول الفقه: أن القيد إذا كان بناءً على الغالب فإنه لا مفهوم له، واستدلوا بقوله تعالى:{وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}[النساء: ٢٣]، فإن الربيبة لا يشترط لتحريمها على زوج أمها أن تكون في حجره، لكن هذا بناءً على الغالب، وبقوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى
(١) رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة المسافرين وقصرها، حديث رقم (٦٨٦).