للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالأجرة دين، والقرض دين، وثمن المبيع دين، والصداق على الزوج دين، وعوض الخلع على الزوج دين، وأرش الجراحات دين، فكل ما ثبت في الذمة فهو دين، فيقدم الدين على الميراث، فلو قدر أن الدين يستغرق جميع المال فلا شيء للورثة؛ لأن الله قال: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ}، وإذا قدر أنه يستغرق نصف المال صار الميراث نصف المال.

وأيهما يقدم: الدين أم الوصية؟

الجواب: يقدم الدين قبل الوصية، كما جاء عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدين قبل الوصية" (١)، والمعنى يقتضيه؛ لأن الدين قضاؤه من باب الواجب، والوصية من باب التبرع، بمعنى: أن المدين يجب عليه أن يقضي دينه، والوصية مستحبة وليست بواجبة، والنظر الصحيح يقتضي تقديم الواجب.

فإن قال قائل: إذا كان الأمر كذلك، فما الحكمة من تقديم الوصية على الدين في الآية؟

فنقول: الحكمة هي:

أولًا: العناية بالوصية، والإشارة إلى أن الدين ينبغي للعاقل أن لا يحمله نفسه.


(١) علقه البخاري (٣/ ١٠١٠)، باب تأويل قول الله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا}، وهو عند أحمد (١/ ١٣١، ١٤٤)؛ والترمذي، كتاب الفرائض، باب ميراث الأخوة من الأب والأم، حديث رقم (٢٠٩٤)؛ وابن ماجه، كتاب الوصايا، باب الدين قبل الوصية، حديث رقم (٢٧١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>