يرجونه وقد لا يرجونه، وإذا رجوه فإنما يريدون الإنتصار عصبية لأوطانهم وقومهم، فصار الفرق عظيمًا بين هؤلاء وهؤلاء، ولهذا لما نادى أبو سفيان يوم أُحد فقال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال. أجابه الصحابة، فقالوا: لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، فإذا كنا نساويهم في ألم الجراح، وألم القتال، وألم فقد المال وغير ذلك، إذا كنا نساويهم في هذا فإننا نمتاز عنهم بأننا نرجو من الله ما لا يرجون، فكيف يكونون هم أقوياء في طلبنا ونحن ضعفاء، فهذا لا يليق.
وقوله:{وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} أي: تطمعون فيما عند الله من الثواب والنصر وهم لا يطمعون في ذلك؛ لأن قلوبهم خالية من الله عزّ وجل.
وقوله:{وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} مثل هذا يقع في القرآن كثيرًا، {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[النساء: ٩٦]، {كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[النساء: ١١]، فهو كان ولا يزال، ولهذا نقول: إن "كان" هنا مسلوبة الزمان، يعني: لا تدل على المضي، وإنما تدل على تحقق الأمر ووقوعه، لا على أنه كان فزال.
وقوله:{عَلِيمًا حَكِيمًا} لا يخفى علينا جميعًا أن علم الله سبحانه واسع، يشمل الماضي فلا ينسى، والمستقبل فلا يجهل، ويشمل الخفي والجلي، ويشمل ما في حقه وحق عباده، فهو يعلم سبحانه ماذا يجد علينا غدًا، وماذا سنعمل، ويعلم ما سيفعله سبحانه هو بنفسه غدًا وما لا يفعله، فعلم الله واسع، ثم إن علم الله متعلق بالواجب والجائز والمستحب، ولذلك تعتبر هذه