للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصفة - أعني: صفة العلم - من أوسع الصفات؛ لأنها متعلقة بالواجب والجائز، والممكن والمستحيل.

أما تعلق العلم بالواجب: فكعلمه جل وعلا بذاته وأسمائه وصفاته.

وأما تعلقه بالممكن: فهو تعلقه بما يحدث في هذا الكون؛ لأن كل الكون من باب الجائز الممكن.

وأما تعلقه بالمستحيل: فمثل قوله تبارك وتعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢]، فهنا حكم جل وعلا أنه لو كان في السماوات والأرض آلهة غير الله لفسدتا، ووجود ذلك مستحيل، ومع هذا علم الله بنتائجه مع أنه مستحيل.

فالحاصل: أن علم الله عزّ وجل صفة من أوسع الصفات.

والعلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكًا جازمًا، ولا نحتاج أن نقول: مطابقًا؛ لأننا قلنا: إدراك الشيء على ما هو عليه، فيغني عن كلمة مطابقًا، هذا هو العلم، فعدم الإدراك بالكلية جهل، وإدراك الشيء على خلاف ما هو عليه جهل أيضًا، لكنه جهل مركب، وإدراك الشيء بلا جزم بل بظن أو شك أو وهم لا يكون علمًا، فما غلب على الظن فهو ظن، ومقابله الوهم، وما تردد الأمر فيه فهو شك.

وقوله: {حَكِيمًا} يصلح أن تكون صفة مشبهة من الحكمة، وأن تكون اسم فاعل حُول إلى فعيل من الحكم، فهي من باب المشترك، والقاعدة في التفسير: أنه متى احتمل اللفظ معنيين لا يتنافيان فإنه يحمل عليهما جميعًا، فعليه نقول: الحكيم من الحكمة ومن الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>