للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم نقول: حكم الله عزّ وجل ينقسم إلى قسمين:

حكم كوني: وهو ما قضاه كونًا.

وحكم شرعي: وهو ما قضاه شرعًا.

والحكمة تنقسم أيضًا إلى قسمين:

حكمة في كون الشيء على صورته التي خُلق عليها، أو على صورته التي شرع والحكمة الثانية: حكمة غائية، بمعنى: أن الغاية من هذا الشيء حكمة، وحينئذ تبلغ أربعًا: حكمة في الصورة والغاية في الحكم الشرعي، وحكمة في الصورة والغاية في الحكم الكوني، فالجميع أربعة.

مثلًا: في سورة الممتحنة ذكر الله سبحانه أحكامًا ثم قال: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ}، وهذا حكم شرعي، وفي سورة يوسف قال أحد إخوته: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي} وهذا حكم كوني.

وأما مثل قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا} [المائدة: ٥٠]، وقوله: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨)} [التين: ٨] وما أشبه ذلك فالظاهر أنه شامل للحكم الكوني والشرعي.

أما الحكمة فإن الإنسان إذا تأمل المخلوقات بعناية وعقل وفهم تبين له أنه لا يوجد فيها شيء إلا لحكمة، حتى المصائب من الأمراض والهلاك والفتن كلها حكمة، لكن تحتاج إلى تدبر وتعمق ونظر، وليس نظرًا إلى الأمور على وجه سطحي، وتجد أن الله عزّ وجل قدر هذا الشيء لحكم عظيمة، ولا أدل على هذا من قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم: ٤١]، وقال الله تبارك وتعالى: {فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>