للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتدخل الجنة" (١)، وذلك في قصته المعروفة لما نزل قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢)} [الحجرات: ٢] وكان هو - رضي الله عنه - جهوري الصوت، ولهذا كان خطيبًا وشاعرًا للرسول عليه الصلاة والسلام، فجمع بين الخطابة والشعر، فاختفى في بيته يبكي، إذ خاف أن يحبط الله عمله وهو لا يشعر - رضي الله عنه -، لكن من يخاف من العقاب أمنه الله منه، ففقده النبي عليه الصلاة والسلام فسأل عنه، فقيل له: إنه يلازم بيته، فأرسل إليه، فلما جاءه قال: إن الله يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢)} [الحجرات: ٢] وإني يا رسول الله! أخاف أن يحبط عملي وأنا لا أشعر، فقال له: "ألا ترضى أن تعيش حميدًا، وتقتل شهيدًا، وتدخل الجنة" (٢) فعاش حميدًا، وقتل شهيدًا، ونشهد أنه سيدخل الجنة - رضي الله عنه -.

وجاء في قتله قصة غريبة، فلما قتل - رضي الله عنه - مر به أحد الجنود فأخذ درعه الذي كان عليه، وكان في طرف الجيش، فوضعه تحت برمة - وهي قدر من الفخار يكون كالحجر، فوضع الدرع تحتها - فرأى أحد أصحاب ثابت ثابتًا في المنام، وقال له:


(١) أخرجه الإمام مالك في الموطأ أبواب السير، باب فضائل أصحاب رسول الله، حديث رقم (٣/ ٤٤٥) (٩٤٥)؛ وابن حبان (١٦/ ١٢٥) (٧١٦٧)؛ والحاكم (٣/ ٢٦٠).
(٢) تقدم ص ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>