٩ - نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون مخاصمًا للخائنين، لقوله:{وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}.
ويتفرع على ذلك: أنه لا يحسن للمحامين أن يتولوا مهنة المحاماة من أجل الإنتصار لمن وكلهم لا للحق، كما هو شأن الكثير اليوم، فأحدهم تجده يحامي عن الشخص في المخاصمات لا من أجل أن يصل إلى الحق، ولكن من أجل أن يغلب فيُعطى ما شُرط له.
١٠ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب، وهذا يعلم بسبب نزول الآية، وسبب نزول الآية أن رجلًا من الأنصار - قيل: إنه منافق، والله أعلم - سرق درعًا وأخفاه، ولما علم أن الناس علموا بذلك حمله ووضعه في بيت رجل آخر قيل: إنه يهودي، وقيل: غير يهودي، من أجل أن يتهم هذا الذي جُعل في بيته، ولما أحس قومه بأن الأمر بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهبوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: إن صاحبنا لم يسرق، وإنما السارق غيره، يريدون أن يبرئه النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك حتى يبرأ؛ لأنهم قالوا له: إن لم تبرئه فإن الناس سوف يتكلمون فيه، لكن إذا جاءت براءته من عندك أسكتت الناس، فَهَمَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك لثقته بأصحابه وعدم ثقته باليهود (١)، وهذا على قول أكثر المفسرين: أن الذي وضعت في بيته هذه السرقة كان يهوديًا، فأنزل الله عليه هذه الآيات ولهذا قال:{وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}، ومعنى {خَصِيمًا} أي: مخاصمًا لهم، وفعيل تأتي بمعنى مُفْعِل، مثل قول الشاعر: