للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مصدر عاملها محذوف، وقد يقال: إنها مصدر نابت عن عاملها، والتقدير على الأول: فرضنا ذلك فريضة، وعلى الثاني نجعل {فَرِيضَةً} هي نفسها العامل، ولا تحتاج إلى عامل ينصبها، فتكون تأكيدًا لما سبق، ويسمى هذا: المصدر المؤكد للجملة التي قبله، ولا يحتاج إلى عامل، قال ابن مالك: كأنت ابني حقًا.

فكلمة "حقًا" ليس لها عامل، لكنها تؤكد الجملة التي سبقتها.

وهذه أيضًا ليس لها عامل، لكن لما قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} إلى قوله: {وَلِأَبَوَيْهِ} وقسم وقدر، صار هذا المصدر مؤكدًا للجملة التي قبله.

وقوله: {فَرِيضَةً} الفرض في اللغة: الحز والقطع، يقال مثلًا: فرض اللحم؛ أي: حزه، وفرض العصا: قطعها، وفي الشرع: ما ألزم به الشارع، ولا فرق على القول الصحيح بين ما ثبت بدليل ظني، وبين ما ثبت بدليل قطعي، وقد قال بعض العلماء: ما ثبت بدليل قطعي فهو فرض، وما ثبت بدليل ظني فهو واجب، والصحيح أنه لا فرق، فما دام أنه قد ثبت الإلزام به، فسمه فرضًا أو سمه واجبًا.

وقوله: {مِنَ اللَّهِ} أي: صادرة منه لا من غيره، فلم يقم بفرضها ملك مقرب ولا نبي مرسل، بل الله وحده هو الذي تولى فرضها.

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} أي: كان عليمًا بمن يستحق، وبمقدار ما يستحق، وحكيمًا في وضع الحق في أهله، كمًا وكيفًا، فهو عزّ وجل له العلم التام، وله الحكمة

<<  <  ج: ص:  >  >>