قوله:{ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ} أي: يطلب مغفرة الله عزّ وجل بحاله ومقاله، أما المقال فظاهر، كأن يقول: اللهم اغفر لي، أو أستغفر الله، وأما الحال: فبأن يكون آتيًا بشروط التوبة الخمسة، وهي:
الأول: الإخلاص، بأن لا يحمله على التوبة مراعاة أحد من الناس.
الثاني: أن يندم، ويقع في نفسه حسرة على فعل الذنب.
الثالث: أن يقلع عن الذنب.
الرابع: العزم على ألا يعود.
الخامس: أن يكون في وقت التوبة؛ أي: في الوقت الذي تقبل فيه التوبة.
والمغفرة: ستر الذنب والتجاوز عنه، وليست الستر فقط؛ لأن الإشتقاق يدل على أنه لا بد من ستر ووقاية؛ إذ أنها مأخوذة من المِغْفَر، والمغفر: ما يغطى به الرأس من الفولاذ ونحوه لاتقاء السهام، فيحصل به ستر ووقاية.
وأقول: إنها مشتقة من المِغْفَر؛ لأن الأصل أن المعاني مأخوذة من الأشياء المحسوسة، فلهذا تجد علماء اللغة يعيدون المعاني إلى الأصول المحسوسة، فيقولون: مشتقة من كذا، وأصل ذلك ما قيل: إن الإنسان صار يتكلم تقليدًا لما يسمع حوله من صرير الرياح وحفيف الأشجار وما أشبه ذلك، هكذا قيل: مع ما علَّم الله عزّ وجل آدم من أسماء.