للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ} كأن يقول: اللهم اغفر لي، أو أستغفر الله.

وقوله: {يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} {يَجِدِ} هذه جواب الشرط "من"، ولذلك صارت مجزومة، وحركت بالكسر لالتقاء الساكنين، والمعنى: {يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} أي: أن الله يغفر له، والغفور هو: ذو المغفرة، كما قال تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} [الرعد: ٦] والرحيم: هو ذو الرحمة كما قال تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} [الكهف: ٥٨]، فأنت إذا استغفرت الله عزّ وجل، وتبت إليه على الوجه الذي يرضاه فستجد الله غفورًا رحيمًا.

والرحمة تطلق على الرحمة التي هي صفته، وعلى آثار الرحمة التي هي خلقه.

أما القسم الأول فهو الأصل، وهو أن الرحمة صفة من صفات الله عزّ وجل، وأما الثاني: فمنه قوله تعالى للجنة: "أنت رحمتي أرحم بك من أشاء" (١) وليس المعنى الرحمة التي هي وصفه؛ لأن الجنة مخلوق بائن، ومن ذلك أيضًا على قول بعض أهل العلم في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} [الشورى: ٢٨] {وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} يعني: النبات وما يحصل من الرزق بالماء النازل من السماء.

أما الرحمة التي هي وصفه فإنها تنقسم عند أهل العلم إلى قسمين: عامة، وخاصة، فالعامة هي التي تشمل كل مخلوق، والخاصة هي المختصة بالمؤمنين، وهي التي تتصل بها سعادة الدنيا والآخرة.


(١) تقدم (١/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>