ومن رام العلوم بغير شيخ ... يضل عن الصراط المستقيم
وتلتبس العلوم عليه حتى ... يكون أضل من توما الحكيم
تصدق بالبنات على رجال ... يريد بذاك جنات النعيم
أي: أن توما تصدق على الناس بالنساء بدون عقد نكاح؛ ويظن أن ذلك تقرب إلى الله وصدقة، فهذا هو الجهل المركب.
و"الحكيم" مشتق من الحُكم والحِكمة، فهو عزّ وجل حاكم، وهو محكم، فعليه تكون "حكيم" بمعنى "فاعل" إذا كانت من الحكم، وبمعنى "محكم" إذا كانت من الحكمة، و"حكيم" يأتي بمعنى محكم، ومنه قول الشاعر:
أمن ريحانة الداعي السميع ... يؤرقني وأصحابي هجوع
فقوله:"السميع" أي: المسمع.
وحكم الله ينقسم إلى قسمين: حكم كوني، وحكم شرعي. فقول أخي يوسف:{فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي}[يوسف: ٨٠] هذا حكم كوني، ولهذا لم يقل:"علي" بل قال: "لي"؛ أي: يُقدر لي ذلك، وقوله تعالى في سورة الممتحنة عندما ذكر أحكام النساء:{ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ}[الممتحنة: ١٠] هذا حكم شرعي.
والفرق بينهما يقارب الفرق بين الإرادتين الكونية والشرعية: فما تعلق بما يحبه فأمر به، أو يكرهه فنهى عنه، فهذا شرعي، وما تعلق بتقديره، سواء أحبه أم لم يحبه، فهو كوني، والحكم الكوني لا بد من وقوعه، والحكم الشرعي قد يُمتثل وقد لا يمتثل.
أما على الوجه الثاني في "الحكيم" وهو المحكم، فنقول: