للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}، ولا شك أن العلم أشرف ما يلقاه الإنسان بعد الإسلام، فهو خير من المال، وخير من الأولاد، وخير من الأزواج، وخير من الدنيا كلها، وانظر إلى العلماء الذين نور علمهم بين أيدينا اليوم، وانظر إلى من في زمنهم من الملوك والسراة والوجهاء والأعيان وغير ذلك ذهب ذكرهم، لكن العلماء بقي ذكرهم، وصاروا يدرسون الناس وهم في قبورهم، وهذه فضيلة عظيمة للعلم، فما أُعطي الإنسان بعد الإسلام خيرًا من العلم.

والعجب! أن العلم كما قال القائل:

يزيد بكثرة الإنفاق منه ... وينقص إن به كفًا شددتا

فكلما علّمت غيرك ازداد علمك، وكلما أمسكت العلم نقص علمك، والمال بالعكس، ولولا أن الله ينزل البركة فيمن تصدق حتى لا تنقصه الصدقة لانتهى المال عن قرب.

١٥ - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم إلا من عند الله، ولا علم له بشيء إلا من عند الله، لقوله: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}.

فإن قال قائل: هذا يقتضي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان جاهلًا من قبل، وهذا نقص فيه؟

فنقول: كلا، ليس نقصًا، بل هو كمال له؛ لأن إعطاءه الكمال بعد النقص من هذا الباب يعتبر كمالًا، ولا شك أن الرسول عليه الصلاة والسلام قبل أن ينزل عليه الكتاب لا شك أنه كان لا علم عنده، لقول الله تبارك وتعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: ٤٨]، ولقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>