للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِيمَانُ} [الشورى: ٥٢] أي: لولا أن الله منَّ عليك بالعلم، نسأل الله أن يمن علينا بالعلم النافع.

وقوله: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} الآية لا تدل على أنه علَّمه كل شيء، بل علمه ما لم يكن يعلمه من قبل، فجائز أن يكون علّمه ألف مسألة أو مليون مسألة أو عشر مسائل؛ لأنه قال: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}، ولم يقل: علمك كل شيء، وبهذا نرد على أولئك الكاذبين الذين يقولون: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلم الغيب، ونقول: كذبتم، ورب العرش! الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب، وإذا كان بعض أخص أصحابه لا يدري أين ذهبوا وهم في مكان واحد، فكيف تقولون: إنه يعلم الغيب؟ ! وإذا كان يدخل بيته ولا يدري ما في البيت، ويقول: "هل عندكم شيء؟ " (١) وإذا قالوا: ليس عندنا شيء، قال: "ألم أر البرمة على النار؟ ! " (٢)، وهو لا يدري، فلعله ماء يفور، فالنبي عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب أبدًا، وقد قال الله تبارك وتعالى في كتابه العظيم: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (٢٧)} [الجن: ٢٦ - ٢٧]، وليس يعطيه علم كل شيء، حتى الساعة جاء جبريل عليه السلام يقول للرسول - صلى الله عليه وسلم -: "متى الساعة؟ فقال: ما المسئول عنها بأعلم من


(١) رواه مسلم، كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال، حديث رقم (١١٥٤) عن عائشة.
(٢) رواه البخاري، كتاب الأطعمة، باب الأدم، حديث رقم (٥١١٤)؛ ومسلم، كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق، حديث رقم (١٥٠٤) عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>