للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل إذا قال: أنت طالق أنت طالق أنت طالق فهي واحدة، ولهذا لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لركانة: "كيف طلقتها"؟ قال: طلقتها ثلاثًا، قال: "في مجلس واحد"، قال: نعم، قال: "فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت" (١)، وهذا واضح أنه كرر فقال: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، لكن سأله وقال: "في مجلس واحد" لأنه إذا كان في مجلسين فيحتمل أنه راجع فيما بين الطلقتين، وإذا راجع فيما بين الطلقتين صارت الثانية واقعة.

فعلى كل حال: أنا أريد أن أمثل أن بعض العلماء نقل الإجماع على أنها تبين بطلاق الثلاث، سواء كانت متفرقة أو مجموعة، ونحن نقول: هذا لا يصح؛ لأنه إذا كان في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة كيف يصح الإجماع؟ ولهذا قال بعض العلماء: إن الإجماع على أنها لا تقع إلا واحدة، وهو إجماع قديم سابق، والذي قال ذلك: أسعد بالصواب ممن قال: إن الإجماع على أنها تبين بها المرأة ولا شك.

فالمهم أن هذه مسائل يحتاج الإنسان فيها إلى تحرير المسألة، والإطلاع الكامل، وقد عرف عن بعض العلماء التساهل في نقل الإجماع، وعذرهم في ذلك أنهم لم يطلعوا على مخالف فتساهلوا في الأمر.

ولا إجماع مع مخالفة الخمسة أو العشرة، بل ولا مع مخالفة الواحد والإثنين، إلا عند بعض العلماء، فابن جرير رحمه الله يرى أن خلاف الواحد والإثنين لا ينقض


(١) هذا اللفظ لأحمد (١/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>