على أفعالهم وعلى أحكام أفعالهم، لا يمكن أن يقال: إن إجماعها ضلالة أبدًا، بل إجماعها على الشيء حق، ولكن الذي يبقى هو تحقيق الإجماع، فهذا هو المشكل؛ لأنك أحيانًا ترى من العلماء الأجلاء من ينقل الإجماع والخلاف قائم موجود، وبعض العلماء - عفا الله عنهم - لا يقول: لا أعلم مخالفًا، إذ لو قال كذا لكان معذورًا، لكنه يقول: بالإجماع، أو أجمعوا على كذا، بينما الخلاف موجود بكثرة.
ومن الغرائب: أنه نقل الإجماع على أن شهادة العبد مردودة، ونقل إجماع آخر على أن شهادة العبد مقبولة، وهذا لا يمكن، لكن السبب في ذلك عدم التحري والإطلاع على أقوال أهل العلم، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب الصواعق المرسلة طائفة كبيرة مما نقل فيه الإجماع، ونقله أئمة أجلاء وليس فيه إجماع.
ومن الأمثلة بالإضافة إلى مسألة شهادة العبد، نقل بعض العلماء الإجماع على أن الطلاق الثلاث بكلمة واحدة يبين المرأة، وقال: هذا مجمع عليه، ومن قال: إنه لا يبينها فقد خرج عن الإجماع وخالف سبيل المؤمنين، هذا الإجماع لا يمكن أن يصح أبدًا، لا بعد عهد عمر ولا قبل عهد عمر - رضي الله عنه -، أما قبل عهد عمر - رضي الله عنه - فإنه لا يصح قطعًا، فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما:"كان الطلاق الثلاث على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي عهد أبي بكر، وسنتين من خلافة عمر واحدة"(١)، يعني:
(١) رواه مسلم، كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، حديث رقم (١٤٧٢) عن ابن عباس.