{إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ (٢٣)} [فاطر: ٢٣] أي: ما أنت إلا نذير، فـ {إِنْ} تأتي بمعنى "ما" وعلامتها أن يأتي بعدها {إِلَّا}، كما أن {إِنْ} لها معانٍ متعددة:
فتأتي نافية، وتأتي مخففة من الثقيلة مثبتة عكس النافية؛ لأن المخففة من الثقيلة تفيد التوكيد، إذ أنها هي "إنَّ" لكن خففت، فتكون للتوكيد عكس "إِنْ" فإنها للنفي، قال الشاعر:
ونحن أباةُ الضيم من آل مالكٍ ... وإن مالك كانت كرام المعادن
أي: وإنَّ مالكًا كانت كرام المعادن، وقال تعالى:{وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: ١٦٤ {وَإِنْ كَانُوا} بمعنى: إنّ، واسمها، يقولون: إنه ضمير الشأن المحذوف، والتقدير: وإنه؛ أي: الشأن، أو وإنهم؛ أي: القوم، وبعضهم يقول: لا نقدر ضمير الشأن، بل نقدر ضميرًا مناسبًا للسياق، فإذا كانوا جماعة قلنا التقدير: إنهم ولا مانع.
على كل حال: هذه {إِنْ} مخففة من الثقيلة، وهي على العكس من {إِنْ} النافية؛ لأنها للإثبات، وتوكيد الإثبات بخلاف {إِنْ} النافية.
وتأتي {إِنْ} شرطية، وهذا كثير مثل:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨].
وتأتي زائدة يعني: وجودها كالعدم كقول الشاعر:
بني غدانة ما إن أنتم ذهبٌ ... ولا صريف ولكن أنتم الخزف
فالشاعر يهجو هؤلاء القوم، ويقول: لا أنتم ذهب ولا فضة، بل أنتم خزف، والناس معادن كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الناس معادن"(١)، معدن طيب ومعدن رديء.
(١) رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ =